فصل: فصل المال في يد الأجير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل استئجار الثياب للبس والبسط

والزلالي للفراش واللحف للالتحاف جائز وإذا استأجر ثوبا ليلبسه مدة لم يجز أن ينام فيه بالليل وهل له النوم فيه في وقت القيلولة وجهان أصحهما وبه قطع الأكثرون جوازه للعادة لكن لو كان المستأجر القميص الفوقاني لزمه نزعه بل يلزمه نزعه في سائر أوقات الخلوة وإنما تلبس ثياب التجمل في الأوقات التي جذت العادة فيها بالتجمل كحالة الخروج إلى السوق ونحوه ودخول الناس عليه ولا يجوز الاتزار بما يستأجر للبس ويجوز الارتداء به على الأصح قال المتولي وإذا استأجر للارتداء لم يجز الاتزار ويجوز التعمم‏.‏

قلت هذا الذي ذكره الإمام الرافعي في النوم في الثوب هو الذي أطلقه الجمهور إلا قوله هل يجوز النوم في وقت القيلولة فإن الأكثرين قالوا يجوز النوم فيه بالنهار من غير تقييد بالقيلولة ولكن ضبطه الصيمري فقال إن نام ساعة أو ساعتين جاز لأنه متعارف وإن نام أكثر النهار لم يجز قالوا وإذا استأجر للبس مطلقاً فله لبسه ليلا ونهاراً إذا كان مستيقظاً قطعاً ولو استأجر للبس ثلاثة أيام ولم يذكر الليالي فالصحيح دخول الليالي وقيل لا تدخل حكياه في العدة والبيان‏.‏

إذا استأجر يوماً كاملا فوقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وإن قال يوماً وأطلق قال الصيمري كان من وقته إلى مثله من الغد وإن استأجر نهار يوم قال في البيان فيه وجهان حكاهما الصيمري أحدهما من طلوع الفجر إلى غروب الشمس والثاني من طلوع الشمس إلى غروبها والله أعلم‏.‏

الطرف الثاني في بيان حكم الإجارة في الأمانة والضمان مال الإجارة تارة يكون في يد المستأجر وتارة في يد الأجير على العمل‏.‏

وأما المستأجر ففيه مسألتان‏.‏

إحداهما يده على الدابة والدار المستأجرتين ونحوهما في مدة الإجارة في يد أمانة فلا يضمن ما تلف منها بغير تعد وتقصير‏.‏

وهل يضمن ما يتلف في يده بعد مضي المدة يبنى على أنه هل على المستأجر الرد ومؤنته وفيه وجهان أصحهما عند الغزالي لا وإنما عليه التخلية بين المالك وبينها إذا طلب لأنه أمانة فأشبه الوديعة وأقربهما إلى كلام الشافعي رضي الله عنه يلزمه الرد ومؤنته وإن لم يطلب المالك لأنه غير مأذون في الإمساك بعد المدة ولأنه أخذ لمنفعة نفسه فأشبه المستعير‏.‏

قال القاضي أبو الطيب ولو شرط عليه الرد لزمه بلا خلاف ومنعه ابن الصباغ وقال من لا يوجبه عليه ينبغي أن لا يجوز شرطه فإن قلنا لا يلزمه الرد فلا ضمان وإن قلنا يلزمه الرد لزمه الضمان إلا أن يكون الإمساك بعذر‏.‏

قلت صحح الرافعي في المحرر أنه لا ضمان والله أعلم‏.‏

ويترتب على الوجهين ضمانه أجرة المنافع التي تتلف في يده بعد المدة فإن ألزمناه الرد ضمناه وإلا فلا‏.‏

قلت وفي فتاوى الغزالي القطع بأن الإجارة إذا انفسخت بسبب لا يلزم المستأجر ضمان المنافع التالفة عنده لأنه أمين وهذا محمول على ما إذا علم المالك بأنها انفسخت وإلا فيجب أن يعلمه وإذا لم يعلمه كان مقصراً ضامناً والله أعلم‏.‏

ولو غصبت الدابة المستأجرة مع دواب الرفقة فذهب بعضهم في الطلب ولم يذهب المستأجر فإن قلنا لا يلزمه الرد فلا ضمان عليه وإن ألزمناه فإن استرد من ذهب بلا مشقة ولا غرامة ضمن المستأجر المتخلف وإن لحقه غرامة ومشقة لم يضمن قاله الشيخ أبو عاصم العبادي‏.‏

ثم حملها بعد المدة ليردها فسقط الحمار فانكسرت قال أبو عاصم إن كان لا يستقل بحملها فلا ضمان وإن كان يستقل فعليه الضمان سواء ألزمناه الرد أم لا لأن العادة أن القدر لا ترد بالحمار مع استقلال المستأجر أو حمال بها‏.‏

المسألة الثانية الدابة المستأجرة للحمل أو الركوب إذا ربطها المستأجر ولم ينتفع بها في المدة فالقول في استقرار الأجرة عليه سيأتي إن شاء الله تعالى ولا ضمان عليه لو ماتت في الإسطبل فلو انهدم عليها فهلكت به نظر إن كان المعهود في مثل ذلك الوقت لو خرج بها أن يكون في الطريق وجب عليه ضمانها‏.‏

وإن كان المعهود في مثل ذلك الوقت أن يكون تحت السقف كجنح الليل في الشتاء فلا ضمان‏.‏

 فصل المال في يد الأجير

وأما المال في يد الأجير كالثوب إذا استؤجر لخياطته أو صبغه أو قصارته والعبد إذا استؤجر لتعليمه أو لرضاعه والدابة إذا استؤجر لرياضتها فإذا تلف والأجير منفرد باليد فهو إما أجير مشترك وإما منفرد والمشترك هو الذي يتقبل العمل في ذمته كما هو عادة الخياطين والصواغين فإذا التزم لواحد أمكنه أن يلتزم لغيره مثل ذلك العمل فكأنه مشترك بين الناس وقيل المشترك هو الذي شاركه في الرأي فقال اعمل في أي موضع شئت والمنفرد هو الذي عين عليه العمل وموضعه أما المشترك فهل يضمن ما تلف في يده بلا تعد ولا تقصير فيه طريقان أصحهما قولان أحدهما يضمن كالمستعير والمستام وأظهرهما لا يضمن كعامل القراض والثاني لا يضمن قطعاً وأما المنفرد فلا يضمن على المذهب وقطع به جماعة أما إذا لم يكن الأجير منفرداً باليد كما إذا قعد المستأجر عنده حتى عمل أو حمله إلى بيته ليعمل فالمذهب وبه قطع الجمهور لا ضمان لأن المال غير مسلم إليه حقيقة وإنما استعان به المالك كالاستعانة بالوكيل وعن الإصطخري والطبري طرد القولين وحيث ضمنا الأجير فالواجب أقصى قيمة من القبض إلى التلف أم قيمة يوم التلف فيه وجهان‏.‏

قلت أصحهما الثاني والله أعلم‏.‏

هذا كله إذا لم يتعد الأجير فإن تعدى وجب الضمان قطعاً وذلك مثل أن يسرف على الخبز في الإيقاد ويلصق الخبز قبل وقته أو يتركه في التنور فوق العادة حتى يحترق أو ضرب على التأديب والتعليم الصبي فمات لأن تأديبه بغير الضرب ممكن ومتى اختلفا في التعدي ومجاوزة الحد عملنا بقول عدلين من أهل الخبرة فإن لم نجدهما فالقول قول الأجير ومتى تلف المال في يده بعد تعديه فالواجب أقصى قيمة من وقت التعدي إلى التلف إن لم يضمن الأجير فإن ضمناه فأقصى قيمة من القبض إلى التلف كذا ذكره البغوي وغيره ويشبه أن يكون هذا جواباً على قولنا يضمن بأقصى قيمة من القبض إلى التلف‏.‏

فأما إن قلنا يضمن قيمة يوم التلف فينبغي أن يجب هنا أقصى قيمة من التعدي إلى التلف‏.‏

قلت هذا الإستدراك الذي ذكره الإمام الرافعي متعين لا بد منه والله أعلم‏.‏

فرع قال الأصحاب إذا حجمه أو ختنه فتلف إن كان المحجوم والمختون حراً فلا ضمان لأنه لا تثبت اليد عليه وإن كان عبداً نظر في انفراد الحاجم باليد وعدم انفراده وأنه أجير مشترك أم لا وحكمه ما سبق والمذهب أنه لا ضمان مطلقاً إذا لم يفرط وكذا البيطار إذا بزغ الدابة فتلفت والراعي المنفرد كذلك فلا ضمان عليهما على المذهب ولو اكتراه ليحفظ متاعه في دكانه فتلف فلا ضمان قطعاً لأن المال في يد المالك‏.‏

 فصل إذا دفع ثوبا إلى قصار ليقصره

أو خياط ليخيطه أو جلس بين يدي حلاق ليحلق رأسه أو دلاك ليدلكه ففعل ولم يجر بينهما ذكر أجرة ولا نفيها فيه أوجه أصحها وهو المنصوص لا أجرة له مطلقاً لأنه لم يلتزم وصار كما لو قال أطعمني خبزاً فأطعمه لا ضمان عليه والثاني يستحق أجرة المثل والثالث إن بدأ المعمول له فقال افعل كذا لزمه الأجرة وإن بدأ العامل فقال أعطني ثوبا لأقصره فلا أجرة والرابع إن كان العامل معروفاً بذلك العمل وأخذ الأجرة عليه استحق الأجرة للعادة وإلا فلا‏.‏

ولو دخل سفينة بغير إذن صاحبها وسار إلى الساحل لزمه الأجرة وإن كان بالإذن ولم يجر ذكر الأجرة فعلى الأوجه‏.‏

وإذا لم نوجب الأجرة فالثوب أمانة في يد القصار ونحوه وإن أوجبناها فوجوب الضمان على الخلاف في الأجير المشترك‏.‏

فرع فيما يأخذه الحمامي أوجه أحدها أنه ثمن الماء وهو متطوع بحفظ الثياب وإعارة السطل فعلى هذا الثياب غير مضمونة على الحمامي والسطل مضمون على الداخل والثاني أنه ثمن الماء وأجرة الحمام والسطل وأصحها أنه أجرة الحمام والسطل والإزار وحفظ الثياب‏.‏

وأما الماء فغير مضبوط ولا يقابل بعوض فعلى هذا السطل غير مضمون على الداخل والحمامي أجير مشترك في الثياب فلا يضمن على المذهب كسائر الأجراء وإنما وجبت الأجرة هنا قطعاً وإن لم يجر لها ذكر ولم يطرد فيه الخلاف لأن الداخل مستوف منفعة الحمام بسكونه وهناك صاحب المنفعة صرفها‏.‏

 فصل إذا عمل الأجير ثم تلفت العين

التي عمل عليها نظر إن لم يكن منفرداً باليد بل عمل في ملك المستأجر أو في حضرته لم تسقط أجرته وإن كان منفرداً باليد بأن سلم الثوب إلى قصار فقصره ثم تلف عنده بني على الخلاف السابق في باب التفليس أن القصارة عين أم أثر فإن قلنا أثر لم تسقط الأجرة ثم إن ضمنا الأجير فعليه قيمة ثوب مقصور وإلا فلا شيء عليه وإن قلنا عين سقطت أجرته وعليه قيمة ثوب غير مقصور إن ضمنا الأجير أو وجد منه تعد وإلا فلا شيء عليه وإن أتلف أجنبي الثوب المقصور فإن قلنا القصارة أثر فللأجير الأجرة وعلى الأجنبي القيمة ثم المستأجر على قول تضمين الأجير يتخير بين مطالبة الأجير والأجنبي والقرار على الأجنبي وإن قلنا عين جاء الخلاف فيما إذا أتلف أجنبي المبيع قبل القبض فإن قلنا ينفسخ العقد فهو كما لو تلف وإلا فللمستأجر الخيار في فسخ الإجارة وإجازتها فإن أجاز ولم يضمن الأجير استقرت له الأجرة والمستأجر يغرم الأجنبي قيمة ثوب مقصور وإن ضمناه فالمستأجر بالخيار إن شاء ضمن الأجنبي قيمة ثوب مقصور وإن شاء ضمن الأجنبي قيمة القصارة والأجير قيمة ثوب غير مقصور ثم الأجير يرجع على الأجنبي وإن فسخ الإجارة فلا أجرة عليه ويغرم الأجنبي قيمة ثوب غير مقصور وإن ضمنا الأجير غرم القيمة من شاء منهما والقرار على الأجنبي ويغرم الأجنبي الأجير قيمة القصارة ولو أتلف الأجير الثوب فإن قلنا القصارة أثر فله الأجرة وعليه قيمة ثوب مقصور وإن قلنا عين جاء الخلاف في أن إتلاف البائع كالآفة السماوية أم كإتلاف الأجنبي إن قلنا كالآفة فالحكم ما سبق وإن قلنا كالأجنبي وأثبتنا للمستأجر الخيار فإن فسخ الإجارة سقطت الأجرة وعلى الأجير قيمة ثوب غير مقصور وإن أجازها استقرت الأجرة وعليه قيمة ثوب مقصور وصبغ الثوب بصبغ صاحب الثوب كالقصار وإن استأجره ليصبغ بصبغ من عنده قال المتولي هو جمع بين البيع والإجارة ففيه الخلاف المعروف وسواء صح أم لم يصح فإذا هلك الثوب عنده سقطت قيمة الصبغ وسقوط الأجرة على ما ذكرنا في القصارة‏.‏

فرع سلم ثوبا إلى قصار ليقصره فجحده ثم أتى به مقصوراً استحق الأجرة إن قصره ثم جحد وإن جحد ثم قصره فوجهان لأنه عمل لنفسه‏.‏

قلت ينبغي أن يكون أصحهما الفرق بين أن يقصد بعمله لنفسه فلا أجرة أو يقصد عمله عن

 فصل المستأجر يضمن بالتعدي

بأن ضرب الدابة أو كبحها فوق العادة وعادة الضرب تختلف في حق الراكب والرائض والراعي فكل يراعى فيه عادة أمثاله ويحتمل في الأجير للرياضة والرعي ما لا يحتمل في المستأجر للركوب‏.‏

وأما الضرب المعتاد إذا أفضى إلى تلف فلا يوجب ضماناً ويخالف ضرب الزوج زوجته فإنه مضمن لأنه يمكن تأديبها بغير الضرب‏.‏

ولو نام بالليل في الثوب الذي استأجره أو نقل فيه التراب أو ألبسه عصاراً أو دباغاً أو غيرهما ممن هو دون حاله أو أسكن الدار قصاراً أو حداداً أو غيرهما ممن هو أشد ضرراً منه أو أركب الدابة أثقل منه وجب الضمان وقراره على الثاني إن كان عالماً وإلا فعلى الأول وإن أركبها مثله فجاوز العادة في الضرب فالضمان على الثاني دون الأول لأنه لم يتعد‏.‏

ولو اكترى لمائة رطل حديد فحمل مائة من القطن أو التبن أو بالعكس أو مائة رطل حنطة فحمل مائة رطل شعير أو عكسه ضمن لأن الشعير أخف ومأخذه من ظهر الدابة أكثر والحنطة يجتمع ثقلها في موضع واحد وكذا القطن والحديد ولو اكترى لعشرة أقفزة حنطة فحمل عشرة شعيراً لم يضمن لأن قدرهما في الحجم سواء والشعير أخف وبالعكس يضمن‏.‏

ولو اكترى ليركب بسرج فركب بلا شيء أو عكسه ضمن لأن الأول أضر بالدابة والثاني زيادة على المشروط ولو اكترى ليحمل عليها بالأكاف فحمل بالسرج ضمن لأنه أشق عليها وبالعكس لا يضمن إلا أن يكون أثقل‏.‏

ولو اكترى ليركب بالسرج فركب بالأكاف ضمن وبالعكس لا يضمن إلا أن يكون أثقل وقس على هذا أشباهه‏.‏

فرع لو اكترى دابة لحمل مقدار سمياه فكان المحمول أكثر نظر إن كانت الزيادة بقدر ما يقع من التفاوت بين الكيلين من ذلك المبلغ فلا عبرة بها وإن كانت أكثر بأن كان المشروط عشرة آصع والمحمول أحد عشر فللمسألة ثلاثة أحوال‏.‏

أحدها إذا كال المستأجر الطعام وحمله هو عليها فعليه أجرة المثل لما زاد على المشهور وفي قول عليه أجرة المثل للجميع وفي قول يتخير بين المسمى وما دخل الدابة من نقص وبين أجرة المثل وفي قول يتخير بين المسمى وأجرة المثل للزيادة وبين أجرة المثل للجميع فلو تلفت البهيمة بالحمل فإن انفراد المستأجر باليد ولم يكن معها صاحبها فعليه ضمانها لأنه صار غاصباً وإن كان معها صاحبها فهل يلزمه كل القيمة أم نصفها أم قسط الزيادة من جملة القيمة فيه أقوال أظهرها الثالث ورجحه الإمام وغيره وعن الشيخ أبي محمد أن الثاني أظهر ولو تلفت الدابة بسبب غير الحمل وأما إذا لم يحتمل المستأجر الطعام بنفسه ولكنه كاله وسلمه إلى المؤجر فحمله المؤجر على البهيمة فإن كان المؤجر جاهلا بالحال بأن قال له هو عشرة كاذباً وجب الضمان على المذهب كما لو حمل بنفسه وقيل قولان لاجتماع الغرور والمباشرة‏.‏

وإن كان عالماً بالزيادة نظر إن لم يقل له المستأجر شيئاً ولكن حمله المؤجر فحكمه ما يأتي في الحال الثاني لأنه حمل بغير إذن صاحبه ولا فرق بين أن يضعه المستأجر على الأرض فيحمله المؤجر على البهيمة وبين أن يضعه على ظهر الدابة وهي واقفة فيسيرها المؤجر وإن قال المستأجر احمل هذه الزيادة فأجابه قال المتولي هو مستعير للبهيمة في الزيادة فلا أجرة لها وإذا تلفت البهيمة بالحمل فعليه الضمان وفي كلام الأئمة ما ينازعه في الأجرة والضمان جميعاً‏.‏

الحال الثاني إذا كال المؤجر وحمله على البهيمة فلا أجرة لما زاد سواء غلط أو تعمد وسواء جهل المستأجر الزيادة أو علمها وسكت لأنه لم يأذن في نقل الزيادة فلا يجب عليه ضمان البهيمة وله مطالبة المؤجر برد الزيادة إلى الموضع المنقول منه وليس للمؤجر أن يردها دون رضاه فلو لم يعلم المستأجر حتى عاد إلى البلد المنقول منه فله مطالبة المؤجر بردها والأظهر أو الأصح أن له مطالبته ببدلها في الحال كما لو أبق المغصوب من يد الغاصب والثاني لا يطالبه ببدلها لأن عين ماله باقية وردها مقدور عليه فإذا قلنا بالأول فغرم البدل فإذا ردها إلى ذلك البلد استرد البدل أما لو كال المؤجر وحمله المستأجر على البهيمة قال المتولي إن كان المؤجر عالماً بالزيادة فهو كما لو كال بنفسه وحمل لأنه لما علم بالزيادة كان من حقه أن لا يحملها وإن كان جاهلا فوجهان مأخوذان مما لو قدم الطعام المغصوب إلى المالك فأكله جاهلا هل يبرأ من الضمان‏.‏

الحال الثالث إذا كال أجنبي وحمل بلا إذن فعليه أجرة الزيادة للمؤجر وعليه الرد إلى الموضع المنقول منه إن طالبه المستأجر وضمان البهيمة على ما ذكرناه في حق المستأجر وإن تولى الحمل بعد كيل الأجنبي أحد المتكاريين نظر أعالم هو أم جاهل ويقاس بما ذكرناه هذا كله إذا اتفقا على الزيادة وعلى أنها للمستأجر فإن اختلفا في أصل الزيادة أو قدرها فالقول قول المنكر وإن ادعى المؤجر أن الزيادة له والدابة في يده فالقول قوله وإن لم يدعها واحد منهما تركت في يد من هي في يده حتى يظهر مستحقها ولا يلزم المستأجر أجرتها‏.‏

فرع لو وجد المحمول على الدابة دون المشروط نظر إن كان النقص بقدر ما يقع من التفاوت بين الكيلين فلا عبرة به وإن كان أكثر قال المتولي إن كال المؤجر حط من الأجرة بقسطه إن لم يعلم المستأجر فإن علم فإن كانت الإجارة في الذمة فكذلك لأنه لم يف بالمشروط وإن كانت إجارة عين فالحكم كما لو كال المستأجر بنفسه ونقص فلا يحط شيء من الأجرة لأن التمكين من الاستيفاء قد حصل وذلك كاف في تقرر الأجرة‏.‏

فارتد فهما ثالث بغير إذنهما فتلفت ففيما يلزم المرتدف ثلاثة أوجه أحدها نصف القيمة والثاني ثلثها والثالث تقسط على أوزانهم فيلزمه حصة وزنه‏.‏

قلت أصحها الثاني قال الشيخ أبو حامد وغيره لو سخر رجلا مع بهيمته فتلفت البهيمة في يد صاحبها لم يضمنها المسخر لأنها في يد صاحبها والله أعلم‏.‏

 فصل دفع ثوبا إلى خياط ليقطعه ويخيطه

إذا دفع ثوبا إلى خياط ليقطعه ويخيطه فخاطه قباء ثم اختلفا فقال الخياط أمرتني بقباء وقال بل أمرتك بقميص أو سود الثوب بصبغ وقال هكذا أمرتني فقال بل أمرتك بصبغة أحمر ففيه خمسة طرق‏.‏

أصحها وبه قال الأكثرون في المسألة قولان أظهرهما عند الجمهور أن القول قول المالك والثاني القول قول الخياط والصباغ‏.‏

والطريق الثاني فيه ثلاثة أقوال هذان والثالث أنهما يتحالفان‏.‏

والطريق الثالث قولان تصديق المالك والتحالف‏.‏

والرابع القطع بالتحالف قاله أبو علي الطبري وصاحب التقريب والشيخ أبو حامد‏.‏

فإن قلنا القول قول الخياط فإذا حلف لا أرش عليه قطعاً ولا أجرة له على الأصح والثاني يجب له المسمى إتماماً لتصديقه والثالث أجرة المثل فإذا قلنا لا أجرة له بيمينه فله أن يدعي الأجرة على المالك ويحلفه فإن نكل ففي تجديد اليمين عليه وجهان‏.‏

قلت ينبغي أن يكون أصحهما التجديد وهذه قضية مستأنفة والله أعلم‏.‏

وإن قلنا القول قول المالك فإذا حلف فلا أجرة عليه ويلزم الخياط أرش النقص على المذهب وقيل فيه وجهان كما في وجوب الأجرة تفريعاً على تصديق الخياط‏.‏

والفرق على المذهب أن القطع يوجب الضمان إلا أن يكون بإذن وهو غير موجب أجرة إلا بإذن ثم في الأرش الواجب وجهان أحدهما ما بين قيمته صحيحاً ومقطوعاً والثاني ما بين قيمته مقطوعاً قميصاً ومقطوعاً قباء‏.‏

وعلى هذا إن لم ينقص فلا شيء عليه وعلى الثاني في استحقاقه الأجرة للقدر الذي يصلح للقميص من القطع وجهان قال ابن أبي هريرة نعم وبه قطع البغوي وضعفه ابن الصباغ لأنه لم يقطعه للقميص‏.‏

قلت المنع أصح ونقله صاحب البيان عن نص الشافعي رضي الله عنه والله أعلم‏.‏

وإذا قلنا يتحالفان فحلفا فلا أجرة للخياط قطعاً ولا أرش عليه على الأظهر وإذا أراد الخياط نزع الخيط لم يمكن منه حيث حكمنا له بالأجرة سواء كان الخيط للمالك أو من عنده لأنه تابع للخياطة‏.‏

وحيث قلنا لا أجرة فله نزع خيطه كالصبغ وحينئذ لو أراد المالك أن يشد بخيطه خيطاً ليدخل في الدروز إذا خرج الأول لم يكن له إلا برضى الخياط‏.‏

وأما كيفية اليمين فقال في الشامل إن صدقنا الخياط حلف بالله ما أذنت لي في قطعه قميصاً ولقد أذنت لي في قطعه قباء قال وإن صدقنا المالك كفاه عندي أن يحلف ما أذنت له في قطعه ولا حاجة إلى التعرض لأن وجوب الغرم وسقوط الأجرة يقتضيهما نفي الإذن في القباء وإن قلنا بالتحالف جمع كل واحد في يمينه بين النفي والإثبات كما سبق في البيع قال ابن كج والكلام في البداءة بمن هو كما سبق في البيع والمالك هنا في رتبة البائع‏.‏

قلت وقال الشيخ أبو حامد إذا صدقنا الخياط حلف لقد أذنت لي في قطعه قباء فقط فإن لم نثبت للخياط أجرة فهذا أصح من قول صاحب الشامل لأن هذا القدر كاف في نفي الغرم عنه وإن أثبتناها فقول صاحب الشامل هو الصواب والله أعلم‏.‏

فرع قال للخياط إن كان هذا الثوب يكفيني قميصاً فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمن الأرش لأن الإذن مشروط بما لم يوجد وإن قال هل يكفيني قميصاً فقال نعم فقال أقطعه فقطعه فلم يكفه لم يضمن لأن الإذن مطلق‏.‏

 فصل اختلاف المتكاريين في الأجرة

أو المدة أو قدر المنفعة هل هي عشرة فراسخ أم خمسة أم كل الدار أم بيت منها يوجب التحالف فإذا تحالفا فسخ العقد وعلى المستأجر أجرة المثل لما استوفاه‏.‏

 الباب الثالث في الطوارئ الموجبة للفسخ

فالفسخ والانفساخ يثبت بخلل يعرض في المعقود عليه وهو ثلاثة أقسام‏.‏

إحداها ما ينقص المنفعة ومتى ظهر بالمستأجرة نقص تتفاوت به الأجرة فهو عيب مثبت للفسخ وذلك كمرض العبد والدابة وانقطاع ماء البئر وتغيره بحيث يمنع الشرب وانكسار دعائم الدار واعوجاجها وانهدام بعض جدرانها لكن لو بادر المؤجر إلى الإصلاح وكان قابلا للإصلاح في الحال سقط خيار المستأجر كما سبق وسواء كان العيب سابقاً للعقد أو القبض أو حادثاً في يد المستأجر ثم إن ظهر العيب قبل مضي مدة لها أجرة فإن شاء فسخ ولا شيء عليه وإن شاء أجاز بجميع الأجرة وإن ظهر في أثناء المدة فالوجه ما ذكره المتولي وهو أنه إن أراد الفسخ في جميع المدة فهو كما لو اشترى عبدين فتلف أحدهما ثم وجد بالباقي عيباً وأراد الفسخ فيهما وإن أراد الفسخ فيما بقي من المدة فهو كما لو أراد الفسخ في العبد الباقي وحده وحكمهما مذكور في البيع وأطلق الجمهور القول بأن له الفسخ ولم يذكروا هذا التفصيل ومتى امتنع الفسخ فله الارش فيعرف أجرة مثله سليماً ومعيباً ويعرف التفاوت بينهما هذا كله في إجارة العين أما إذا وجد في إجارة الذمة بالدابة المسلمة عيباً فلا فسخ بل يردها ويلزم المؤجر إبدالها

 فصل لا تنفسخ الإجارة بالأعذار

سواء كانت إجارة عين أو ذمة وذلك كما إذا استأجر دابة للسفر عليها فمرض أو حانوتاً لحرفة فندم أو هلكت آلات تلك الحرفة أو حماماً فتعذر الوقود وكذا لو كان العذر للمؤجر بأن مرض وعجز عن الخروج مع الدابة أو أكرى داره وأهله مسافرون فعادوا واحتاج إلى الدار أو تأهل فلا فسخ في شيء منها إذ لا خلل في المعقود عليه‏.‏

ولو اكترى أرضاً للزراعة فزرعها فهلك الزرع بجائحة من سيل أو شدة حر أو برد أو كثرة مطر ونحوها فليس له الفسخ ولا حط شيء من الأجرة لان الجائحة لحقت زرع المستأجر لا منفعة الأرض فصار كما لو اكترى دكاناً لبيع البز فاحترق بزه لا تنفسخ الإجارة‏.‏

فلو فسدت الأرض بجائحة أبطلت قوة الإنبات في مدة الإجارة انفسخت الإجارة في المدة الباقية ثم إن كان فساد الأرض بعد فساد الزرع فهل يسترد شيئاً من الأجرة فيه احتمالان للإمام أصحهما عند الغزالي المنع لأنه لو بقيت صلاحية الأرض لم يكن للمستأجر فيها نفع بعد فوات الزرع والثاني وبه قطع بعض أصحاب الإمام يسترد لأن بقاء الأرض على صفتها مطلوب فإذا زال ثبت الإنفساخ وإن كان فساد الزرع بعد فساد الأرض فأصح الاحتمالين بالاتفاق الاسترداد‏.‏

القسم الثاني فوات المنفعة بالكلية حساً‏.‏

فمن صوره موت الدابة والأجير المعين فإن كان قبل القبض أو عقبه قبل مضي مدة لمثلها أجرة انفسخ العقد وإن كان في خلال المدة انفسخ العقد في الباقي وفي الماضي الطريقان فيما إذا اشترى عبدين فقبض أحدهما وتلف الثاني قبل القبض هل ينفسخ البيع في المقبوض فإن قلنا ينفسخ في الماضي سقط المسمى ووجب أجرة المثل لما مضى‏.‏

وإن قلنا لا ينفسخ فيه فهل له خيار الفسخ وجهان أصحهما عند الإمام والبغوي لا لأن منافعه استهلكت والثاني نعم وبه قطع ابن الصباغ وآخرون لأن جميع المعقود عليه لم يسلم فإن قلنا له الفسخ ففسخ رجع إلى أجرة المثل وإن قلنا لا فسخ أو أجاز وجب قسط ما مضى من المسمى والتوزيع على قيمة المنفعة وهي أجرة المثل لا على نفس الزمان وذلك يختلف فربما تزيد أجرة شهر على أجرة شهرين لكثرة الرغبات في ذلك الشهر وإن كانت مدة الإجارة سنة ومضى نصفها وأجرة المثل فيه مثلا أجرة المثل في النصف الباقي وجب من المسمى ثلثاه وإن كانت بالعكس فثلثه وإذا أثبتنا الخيار بعيب ففسخ العقد في المستقبل ففي الإنفساخ في الماضي طريقان‏.‏

فإن لم ينفسخ فطريق التوزيع ما بيناه وإن أجازه فعليه الأجرة المسماة بتمامها كما لو رضي بعيب المبيع لزمه جميع الثمن وسواء حصل التلف بآفة سماوية أم بفعل المستأجر بل لو قتل العبد أو الدابة المعينة كان حكم الإنفساخ والأجرة ما ذكرناه ويلزمه قيمة ما أتلف وعن ابن أبي هريرة أنه تستقر عليه الأجرة المسماة بالإتلاف كما يستقر الثمن على المشتري بإتلافه والصحيح الأول لأن البيع ورد على العين فإذا أتلفها صار قابضاً والإجارة واردة على المنافع ومنافع الزمن المستقبل معدومة لا يتصور ورود الإتلاف عليها وعلى هذا لو عيب المستأجر الدار أو جرح العبد فهو كالتعيب بآفة سماوية في ثبوت الخيار‏.‏

نص أن انهدام الدار يقتضي الإنفساخ ونص فيما إذا اكترى أرضاً للزراعة ولها ماء معتاد فانقطع أن له فسخ العقد وفيهما ثلاثة طرق أحدها تقرير النصين لأن الدار لم تبق داراً والأرض بقيت أرضاً ولأن الأرض يمكن زراعتها بالأمطار والثاني القطع بعدم الإنفساخ وأصحها قولان في المسألتين أظهرهما في الانهدام الانفساخ وفي انقطاع الماء ثبوت الخيار وإنما يثبت الخيار إذا انقطعت الزراعة‏.‏

فإن قال المؤجر أنا أسوق إليها ماء من موضع آخر سقط الخيار كما لو بادر إلى إصلاح الدار فإن قلنا بالانفساخ فالحكم كموت العبد وإلا فله الفسخ في المدة الباقية وفي الماضي الوجهان‏.‏

فإن منعناه فعليه قسط ما مضى من المسمى وإن أجاز لزمه المسمى كله وقيل يحط للانهدام وانقطاع الماء ما يخصه‏.‏

فرع لو غصب العبد المستأجر أو أبق أو ندت الدابة فإن كانت الإجارة في الذمة فعلى المؤجر الإبدال فإن امتنع استؤجر عليه وإن كانت إجارة عين أو غصبت الدار المستأجرة فللمستأجر الخيار‏.‏

فإن كان ذلك في أثناء المدة فإن اختار الفسخ فسخ في الباقي وفي الماضي الخلاف السابق وإن لم يفسخ وكان قد استأجر مدة معلومة فانقضت بني على الخلاف فيما إذا أتلف أجنبي المبيع قبل القبض هل ينفسخ البيع أم لا إن قلنا ينفسخ فكذلك الإجارة ويسترد الأجرة وإن قلنا لا ينفسخ فكذلك الإجارة ويتخير بين أن يفسخ ويسترد الأجرة وبين أن يجيز ويطالب الغاصب بأجرة المثل والذي نص عليه الشافعي رضي الله عنه والأصحاب انفساخ الإجارة وإن كان البناء المذكور يقتضي ترجيح عدم الانفساخ لكن المذهب الانفساخ وعلى هذا لو عاد إلى يده وقد بقي بعض المدة فللمستأجر أن ينتفع به في الباقي وتسقط حصة المدة الماضية إلا إذا قلنا إن الانفساخ في بعض المدة يوجب الانفساخ في الباقي فليس له الانتفاع في بقية المدة وإن كان استأجره لعمل معلوم فله أن يستعمله فيه متى قدر عليه وإذا بادر المؤجر إلى الانتزاع من الغاصب ولم تتعطل منفعة على المستأجر سقط خياره كما سبق في إصلاح الدار‏.‏

فرع إقرار المؤجر بالمستأجرة للغاصب من المستأجر إذا أقر المؤجر بالمستأجرة للغاصب من المستأجر أو لغيره ففي قبول إقراره في الرقبة قولان أظهرهما القبول فإن قبلناه ففي بطلان حق المستأجر من المنفعة أوجه أصحها لا يبطل والثاني يبطل والثالث إن كانت العين في يد المستأجر تركت في يده إلى انقضاء المدة وإن كانت في يد المقر له لم تنزع منه فإن قلنا بالبطلان فهل يحلف المؤجر فيه الخلاف المذكور في أن المرتهن هل يحلف الراهن إذا أقر بالمرهون وقبلناه أو سرقها وليس للمستأجر المخاصمة على الأصح المنصوص كالمودع والمستعير ويجري الوجهان في أن المرتهن هل يخاصم لأن له حقاً

 فصل الثوب المعين للخياطة

إذا تلف ففي انفساخ العقد خلاف سبق الأصح عند الإمام وجماعة لا ينفسخ وعن العراقيين والشيخ أبي علي أنه ينفسخ لتعلقه بذلك الثوب وبه قطع ابن الحداد وفيما إذا اكترى دواب في الذمة لحمل خمسة أعبد معينين فمات اثنان منهم وحمل ثلاثة فقال له ثلاثة أخماس الكراء وسقط خمساه والصورة فيما إذا تساوت أوزانهم ويشهد له نص الشافعي رضي الله عنه حيث قال إذا نكحها على خياطة ثوب معين فتلف قبل الخياطة لها مهر المثل قال الشيخ أبو علي والخلاف فيما إذا ألزم ذمته خياطة ثوب بعينه أو حمل متاع بعينه أو عبد فإن العقد وإن كان في الذمة فمتعلق بعين الثوب والمتاع‏.‏

أما إذا استأجر دابة بعينها مدة لركوب أو حمل متاع فهلكا فلا ينفسخ العقد بل يجوز إبدال الراكب والمتاع بلا خلاف فإن قلنا لا ينفسخ فأتى بثوب مثله فذاك وإن لم يأت لعجزه أو امتنع مع القدرة حتى مضت مدة إمكان العمل ففي استقرار الأجرة وجهان‏.‏

فإن قلنا تستقر فللمستأجر فسخ العقد على الأصح لأنه ربما لا يجد ثوبا آخر أو لا يريد قطعه‏.‏

فرع موت الصبي المعين للتعليم كتلف الثوب المعين للخياطة وكذا الصبي المعين للإرضاع إن لم يكن ولد المرضعة فإن كان ولدها فخلاف مرتب وأولى بالانفساخ لأن درور اللبن على ولدها أكثر من الأجنبي فلا يمكن إقامة غيره مقامه‏.‏

فرع لو بدأ له في قطع الثوب المعين وهو باق قال الإمام المتجه أنه لا يجب عليه الإتيان به لكن تستقر عليه الأجرة إذا سلم الأجير نفسه ومضى مدة إمكان العمل إن قلنا تستقر الأجرة بتسليم الأجير نفسه وليس للأجير فسخ الإجارة وإن قلنا لا تستقر فله فسخها وليس للمستأجر الفسخ بحال لأن الإجارة لا تنفسخ بالأعذار‏.‏

 فصل لا تنفسخ الإجارة بموت المتعاقدين

بل إن مات المستأجر قام وارثه في استيفاء المنفعة مقامه وإن مات المؤجر ترك المال عند المستأجر إلى انقضاء مدة الإجارة فإن كانت الإجارة على الذمة فما التزمه دين عليه فإن كان في التركة وفاء استؤجر منها لتوفيته وإلا فالوارث بالخيار إن شاء وفاه واستحق الأجرة وإن أعرض فللمستأجر فسخ الإجارة‏.‏

ولو أوصى بداره لزيد مدة عمر زيد فقبل الوصية وأجرها زيد مدة ثم مات في خلالها انفسخت الإجارة لانتهاء حقه بموته‏.‏

 فصل إذا أكرى جمالا فهرب

فتارة يهرب بها وتارة يهرب ويتركها عند المستأجر فإن هرب بها نظر فإن كانت الإجارة في الذمة اكترى الحاكم عليه من ماله فإن لم يجد له مالا اقترض عليه من بيت المال أو من المستأجر أو غيره واكترى عليه قال في الشامل ولا يجوز أن يكل أمر الاكتراء إلى المستأجر لأنه يصير وكيلا في حق نفسه وإن تعذر الاكتراء عليه فللمستأجر الفسخ كما لو انقطع المسلم فيه عند المحل فإن فسخ فالأجرة دين في ذمة الجمال إذا عاد بما التزمه وإن كانت إجارة عين فللمستأجر فسخ العقد كما إذا ندت الدابة‏.‏

وأما إذا تركها عند المستأجر فإن تبرع بالإنفاق عليها فذاك وإلا راجع الحاكم لينفق عليها وعلى من يقوم بتعهدها من مال المؤجر إن وجده وإلا استقرض عليه كما ذكرنا ثم إن وثق بالمستأجر سلم إليه ما اقترضه لينفق عليها وإلا دفعه إلى من يثق به وإذا لم يجد مالا آخر باع منها بقدر الحاجة لينفق عليها من ثمنه ولا يخرج على الخلاف في بيع المستأجرة لأنه محل ضرورة ويبقى في يد المستأجر إلى انتهاء المدة ولو لم يقترض الحاكم من المستأجر ولكن أذن له في الإنفاق ليرجع جاز على الأظهر كما لو اقترض منه ثم دفعه إليه والثاني المنع ويجعل متبرعاً‏.‏

وعلى الأول لو اختلفا في قدر ما أنفق فالصحيح أن القول قول المنفق وقيل قول الجمال‏.‏

قلت قال أصحابنا إنما يقبل قول المستأجر إذا ادعى نفقة مثله في العادة والله أعلم‏.‏

ولو أنفق المستأجر بغير إذن الحاكم مع إمكانه لم يرجع وإن لم يكن حاكم فعلى ما ذكرناه في عامل المساقاة إذا هرب قال الإمام ولو كان هناك حاكم وعسر إثبات الواقعة عنده فهو كما إذا لم يكن حاكم وإذا أثبتنا الرجوع فيما إذا أنفق بغير مراجعة الحاكم فاختلفا في قدره فالقول قول الجمال لأن إنفاقه لم يستند إلى ائتمان من جهة الحاكم قال وفيه احتمال لأن الشرع سلطة عليه وإذا انقضت مدة الإجارة ولم يعد الجمال باع الحاكم منها ما يقضي بثمنه ما اقترضه وحفظ باقيها وإن رأى بيعها لئلا تأكل نفسها فعل‏.‏

 فصل إذا اكترى دابة أو داراً مدة وقبضها

وأمسكها حتى مضت المدة انتهت الإجارة واستقرت الأجرة سواء انتفع بها في المدة أم لا وليس له الانتفاع بعد المدة فإن فعل لزمه أجرة المثل مع المسمى ولو ضبطت المنفعة بالعمل دون المدة بأن استأجر دابة ليركبها إلى بلد أو ليحمل عليها إلى موضع معلوم وقبضها وأمسكها عنده حتى مضت مدة يمكن فيها السير إليه استقرت عليه الأجرة أيضاً وسواء تخلف المستأجر لعذر أم لغيره حتى لو تخلف لخوف الطريق أو عدم الرفقة استقرت الأجرة عليه لأن المنافع تلفت في يده ولأنه يمكنه السفر عليها إلى بلد آخر واستعمالها في البلد تلك وليس للمستأجر فسخ العقد بهذا السبب ولا أن يلزم المؤجر استرداد الدابة إلى تيسر الخروج هذا في إجارة العين فإن كانت على الذمة وسلم دابة بالوصف المشروط فمضت المدة عند المستأجر استقرت الأجرة أيضاً لتعين حقه بالتسليم وحصول التمكن ولو كانت الإجارة فاسدة استقرت فيها أجرة المثل بما يستقر به المسمى في الإجارة الصحيحة سواء انتفع أم لا وسواء كانت أجرة المثل أقل من المسمى أو أكثر‏.‏

فرع أجر الحر نفسه مدة لعمل معلوم وسلم نفسه فلم يستعمله المستأجر حتى مضت المدة أو مدة يمكن فيها ذلك العمل استقرت الأجرة على الأصح‏.‏

ويجري الخلاف فيما إذا ألزم ذمة الحر عملا فسلم نفسه مدة إمكان ذلك العمل ولم يستعمله وطرد المتولي الخلاف فيما إذا التزم الحر عملا في الذمة وسلم عبده ليستعمله فلم يستعمله ووجهه بما يقتضي إثبات خلاف في كل إجارة على الذمة ثم إن قلنا لا تستقر فللأجير أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليجبره على الاستعمال‏.‏

فرع أكرى عيناً مدة ولم يسلمها حتى مضت المدة انفسخت الإجارة لفوات المعقود عليه فلو استوفى منفعة المدة فطريقان أحدهما أنه كإتلاف البائع المبيع قبل القبض والثاني القطع بالانفساخ ولو أمسكها بعض المدة ثم سلمها انفسخت الإجارة في المدة التي تلفت منافعها وفي الباقي الخلاف فيما إذا تلف بعض المبيع قبل القبض فإن قلنا لا ينفسخ فللمستأجر الخيار ولا يبدل زمان بزمان ولو لم تكن المدة مقدرة واستأجر دابة للركوب إلى بلد فلم يسلمها حتى مضت مدة يمكن فيها المضي إليه فوجهان أحدهما تنفسخ الإجارة وهو اختيار الإمام وأصحهما وبه قطع الأكثرون لا تنفسخ لأن هذه الإجارة متعلقة بالمنفعة لا بالزمان ولم يتعذر استيفاؤها فعلى هذا قال الأصحاب لا خيار للمستأجر كما لا خيار للمشتري إذا امتنع البائع من تسليم المبيع مدة ثم سلمه وشذ الغزالي فقال في الوسيط له الخيار لتأخر حقه والمعروف ما سبق ولو كانت الإجارة في الذمة ولم يسلم ما تستوفى المنفعة منه حتى مضت مدة يمكن فيها تحصيل تلك المنفعة فلا فسخ ولا انفساخ بحال لأنه دين تأخر إيفاؤه‏.‏

القسم الثالث فوات المنفعة شرعاً كفواتها حساً في اقتضاء الانفساخ لتعذر الاستيفاء فإذا استؤجر لقلع سن وجعة أو يد متآكلة أو لاستيفاء قصاص في نفس أو طرف فالإجارة صحيحة على الأصح كما سبق فإذا زال الوجع أو عفي عن القصاص فقد أطلق الجمهور أن الإجارة تنفسخ وفيه كلامان أحدهما أن المنفعة في هذه الإجارة مضبوطة بالعمل دون الزمان وهو غير مأيوس منه لاحتمال عود الوجع فليكن زوال الوجع كغصب المستأجرة حتى يثبت خيار الفسخ دون الإنفساخ والثاني حكى الشيخ أبو محمد وجهاً أن الإجارة لا تنفسخ بل يستعمل الأجير في قلع مسمار أو وتد ويراعى تداني العملين وهذا ضعيف والقوي ما قيل أن الحكم بالانفساخ جواب على أن المستوفى به لا يبدل فإن جوزناه أمره بقلع سن وجعة لغيره‏.‏

 فصل إذا آجر الوقفَ البطنُ الأول ثم مات

في أثناء المدة فوجهان أحدهما تبقى الإجارة بحالها كما لو آجر ملكه فمات وأصحهما المنع لأن المنافع بعد موته لغيره ولا ولاية له عليه ولا نيابة ثم عبارة الجمهور بالانفساخ وعدمه ففي وجه ينفسخ وفي وجه لا ينفسخ واستبعدها الصيدلاني والإمام وطائفة لأن الانفساخ يشعر بسبق الانعقاد وجعلوا الخلاف في أنا هل نتبين البطلان لأنا تبينا أنه تصرف في غير ملكه ثم إن أبقينا الإجارة فحصة المدة الباقية من الأجرة تكون للبطن الثاني فإن أتلفها الأول فهي دين في تركته وليس كما لو أجر ملكه ومات في المدة حيث تكون جميع الأجرة تركة تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه لأن التصرف ورد على خالص ملكه والباقي له بعد الإجارة رقبة مسلوبة المنفعة في تلك المدة فتنتقل خلى الوارث كذلك وإن قلنا لا تبقى الإجارة فهل تبطل فيما مضى قال ابن الصباغ يبنى على الخلاف في تفريق الصفقة فإن قلنا لا تفرق كان للبطن الأول أجرة المثل لما مضى أما إذا أجر الوقف متولية فموته لا يؤثر في الإجارة على الصحيح لأنه ناظر للجميع وقيل تبطل الإجارة كما سيأتي في ولي الصبي إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع للولي إجارة الطفل وماله أبا كان أو وصياً أو قيماً إذا رأى المصلحة فيها لكن لا يجاوز مدة بلوغه بالسن فلو أجره مدة يبلغ في أثنائها بأن كان ابن سبع سنين فأجره عشر سنين فطريقان قال الجمهور يبطل فيما يزيد على مدة البلوغ وفيما لا يزيد قولا تفريق الصفقة والثاني القطع بالبطلان في الجميع وهو الأصح عند البغوي‏.‏

ويجوز أن يؤجره مدة لا يبلغ فيها بالسن وإن احتمل بلوغه بالاحتلام لأن الأصل بقاء الصبا فلو انفق في الاحتلام في أثنائها فوجهان أصحهما عند الصاحب ولأن المهذب والروياني بقاء الإجارة وأصحهما عند الإمام والمتولي لا تبقى‏.‏

قلت صحح الرافعي في المحرر الثاني والله أعلم‏.‏

ثم التعبير عن هذا بالانفساخ أو تبين البطلان كما ذكرنا في مسألة الوقف وإذا قلنا لا تبقى الإجارة جاء فيما مضى خلاف تفريق الصفقة وإذا قلنا تبقى فهل له خيار الفسخ إذا بلغ وجهان أصحهما لا كما لو زوجها ثم بلغت‏.‏

فرع تأجير مال المجنون أجر الولي مال المجنون فأفاق في أثناء المدة فهو كبلوغ الصبي بالاحتلام‏.‏

 فصل أجر عبده ثم أعتقه

لو أجر عبده ثم أعتقه نفذ لأن إعتاق المغصوب والآبق نافذ فهذا أولى ولا تنفسخ الإجارة على الصحيح ولا خيار للعبد على الأصح ولا يرجع على السيد بأجرة المثل للمدة الواقعة بعد العتق على الأظهر الجديد وقيل على الأصح فإن قلنا يرجع فنفقته في تلك المدة على نفسه لأنه مالك لمنفعة نفسه وإن قلنا لا يرجع فهل هي على سيده لإدامة حبسه أم في بيت المال لأنه حر عاجز وجهان أصحهما الثاني‏.‏

قلت فإن قلنا النفقة على السيد فوجهان أحدهما تجب بالغة ما بلغت وأصحهما يجب أقل الأمرين من أجرة مثله وكفايته والله أعلم‏.‏

ولو ظهر بالعبد عيب بعد العتق وفسخ المستأجر الإجارة فالمنافع للعتيق إن قلنا يرجع بمنافعه على السيد وإلا فهل هي له أم للسيد وجهان‏.‏

قلت الأصح كونها للعتيق والله أعلم‏.‏

ولو أجر عبده ومات وأعتقه الوارث في المدة ففي انفساخ الإجارة ما سبق فإن قلنا لا انفساخ لم يرجع هنا على المعتق بشيء بلا خلاف ولو أجر أم ولده ومات في المدة عتقت وفي بطلان الإجارة الخلاف المذكور فيما إذا أجر البطن الأول الوقف ومات وكذا الحكم في إجارة المعلق عتقه بصفة قال البغوي وإنما تجوز إجارته مدة لا تتحقق الصفة فيها فإن تحققت فهو كإجارة الصبي مدة يتحقق بلوغه فيها‏.‏

قلت هذا الذي قاله البغوي ظاهر إن منعنا بيع العين المستأجرة فإن جوزناه فينبغي أن يقطع بجواز إجارته هنا لأنه متمكن من بيعه وإبقاء الإجارة إلى انقضاء مدتها بخلاف مسألة الصبي لكن قد يقال وإن تمكن فقد لا يفعل والله أعلم‏.‏

فرع كتابة العبد المكرى جائزة عند ابن القطان باطلة عند ابن كج قلت الثاني أقوى والله أعلم‏.‏

فإن جوزناها عاد الخلاف في الخيار وفي الرجوع على السيد‏.‏

قلت ومن مسائل الفصل ما ذكره ابن كج وهو خارج عن القواعد السابقة أنه لو أكرى داراً لعبد ثم قبض العبد وأعتقه فانهدمت الدار رجع على المعتق بقدر ما بقي في المدة من قيمة العبد والله أعلم‏.‏

 فصل بيع العين المستأجرة

إذا باع العين المستأجرة فله حالان‏.‏

الأول البيع للمستأجر وهو صحيح قطعاً ثم في الإجارة وجهان أحدهما تنفسخ قاله ابن الحداد ويعبر عنه بأن الإجارة والملك لا يجتمعان وأصحهما لا تنفسخ‏.‏

ولو فسخ المستأجر البيع بعيب لم يكن له الإمساك بحكم الإجارة لأنها قد انفسخت بالشراء‏.‏

ولو تلفت العين لم يرجع على البائع بشيء لأن الإجارة غير باقية عند التلف وعلى الوجه الثاني الأصح وهو أن الإجارة لا تنفسخ بالشراء ففي صورة فسخ البيع بالعيب له الإمساك بحكم الإجارة ولو فسخ عقد الإجارة رجع على البائع بأجرة بقية المدة وفي صورة التلف تنفسخ الإجارة بالتلف وحكمه ما سبق وتتخرج على الخلاف في أن الإجارة والملك هل يجتمعان مسائل‏.‏

إحداها أوصى لزيد برقبة دار ولعمرو بمنفعتها وأجرها لعمرو ففي صحة الإجارة الوجهان‏.‏

الثانية مات المستأجر ووارثه المؤجر ففي انفساخها الوجهان‏.‏

الثالثة أجر المستأجر العين المستأجرة للمالك جاز على الصحيح المنصوص كما يجوز أن يبيعه ما اشتراه منه ومنعه ابن سريج لاجتماع الملك والإجارة‏.‏

الرابعة أجر داره لابنه ومات الأب في المدة ولا وارث له غير الابن المستأجر وعليه ديون مستغرقة بني أولا على أن الوارث هل يملك التركة وهناك دين مستغرق إن قلنا لا يملك بقيت الإجارة بحالها وإن قلنا يملك وهو الصحيح فعلى الأصح لا تنفسخ الإجارة وعلى قول ابن الحداد تنفسخ لأن الملك طرأ على الإجارة بحالها وادعى الروياني أن هذا أصح وإذا انفسخت الإجارة قال ابن الحداد الابن غريم يضارب بأجرة بقية المدة للغرماء ووافقه بعضهم وخالفه المعتبرون لأنه خلاف ما سبق عنه في الشراء أنه لا يرجع وضعفوا الفرق‏.‏

ولو مات الأب المؤجر عن ابنين أحدهما المستأجر فعلى الأصح لا تنفسخ الإجارة في شيء من الدار ويسكنها المستأجر إلى انقضاء المدة ورقبتها بينهما بالإرث وقال ابن الحداد تنفسخ الإجارة في النصف الذي يملكه المستأجر وله الرجوع بنصف أجرة ما انفسخ العقد فيه لأن مقتضى الانفساخ في النصف الرجوع بنصف الأجرة لكنه خلف ابنين والتركة في يدهما والدين الذي يلحقها يتوزع فيخص الراجع الربع ويرجع بالربع على أخيه فإن لم يترك الميت سوى الدار بيع من نصيب الأخ المرجوع عليه بقدر ما يثبت به الرجوع وهذا بعيد عند الأئمة لأن الابن المستأجر ورث نصيبه بمنافعه وأخوه ورث نصيبه مسلوب المنفعة ثم قد تكون أجرة مثل الدار في تلك المدة مثلي ثمنها فإذا رجع على الأخ بربع الأجرة احتاج إلى بيع نصيبه فيكون أحدهما قد فاز بجميع نصيبه وبيع نصيب الآخر وحده في دين الميت قال الشيخ أبو علي ولو لم يخلف إلا الابن المستأجر ولا دين عليه فلا فائدة في الانفساخ ولا أثر له لأن الكل له سواء أخذ بالإرث أو أخذ مدة الإجارة بالإجارة وبعدها بالإرث وسواء أخذ بالدين أم بالإرث‏.‏

فرع أجر البطن الأول الوقف للبطن الثاني ومات المؤجر في المدة فإن قلنا لو أجر أجنبياً بطلت الإجارة فهنا أولى وإلا فوجهان لأنه طرأ الاستحقاق في مدة الإجارة قال الإمام وهذا أولى بارتفاع الإجارة‏.‏

الحال الثاني البيع لغير المستأجر وهو صحيح على الأظهر عند الأكثرين ويجري القولان سواء أذن المستأجر أم لا وإذا صححنا لم تنفسخ الإجارة كما لا ينفسخ النكاح ببيع المزوجة ويترك في يد المستأجر إلى انقضاء المدة وللمشتري فسخ البيع إن كان جاهلا وإن كان عالماً فلا فسخ له ولا أجرة لتلك المدة وكذا لو كان جاهلا وأجاز ذكره البغوي ويشبه أن يكون على الخلاف في مدة بقاء الزرع إذا باع أرضاً مزروعة‏.‏

ولو وجد المستأجر به عيباً وفسخ الإجارة أو عرض ما تنفسخ به الإجارة بمنفعة بقية المدة لمن يكون وجهان قال ابن الحداد للمشتري وقال أبو زيد للبائع لأن المشتري لم يملك منافع تلك المدة وبناهما المتولي على أن الرد بالعيب يرفع العقد من أصله أم من حينه إن قلنا بالأول فهي للمشتري وكأن الإجارة لم تكن وإن قلنا من حينه فللبائع لأنه لم يوجد عند الرد ما يوجب الحق للمشتري‏.‏

قال ولو تقايلا الإجارة فإن قلنا الإقالة بيع فهي للبائع وإن قلنا فسخ فكذلك على الصحيح لأنها ترفع العقد من حينها قطعاً وإذا حصل الانفساخ رجع المستأجر بأجرة بقية المدة على البائع قال فرع القولان في صحة بيع المستأجر يجريان في هبته وتجوز الوصية به قطعاً‏.‏

فرع باع عيناً واستثنى منفعتها لنفسه لو باع عيناً واستثنى منفعتها لنفسه سنة أو شهراً فطريقان أحدهما يحكى عن ابن سريج أنه على قولي بيع المستأجر والمذهب القطع ببطلان العقد‏.‏

 فصل في مسائل منثورة تتعلق بالباب الأول

إحداها قال ألزمت ذمتك نسج ثوب صفته كذا على أن تنسجه بنفسك لم يصح العقد لأنه غرر فأشبه السلم في شيء معين‏.‏

الثانية يصح استئجار الأرض بما يستأجر به الثوب والعبد من الدراهم والطعام وما تنبت الأرض وغيرها إذا عين أو وصف‏.‏

الثالثة إذا استأجر دابة ليركبها إلى بلد بعشرة دنانير وجب نقد بلد العقد ولو كانت الإجارة فاسدة فالاعتبار في أجرة المثل بموضع إتلاف المنفعة نقداً أو وزناً‏.‏

الرابعة تجوز إجارة المصحف والكتب لمطالعتها والقراءة منها‏.‏

الخامسة لا يجوز أن يستأجر بركة ليأخذ منها السمك فلو استأجرها ليحبس فيها الماء حتى يجتمع فيها السمك جاز على الصحيح‏.‏

السادسة يصح من المستأجر إجارة ما استأجره بعد قبضه سواء أجر بمثل ما استأجر أم بأقل أم بأكثر وفي إجارته قبل القبض وجهان قال ابن سريج يجوز والأصح المنع فعلى هذا في إجارته المؤجر وجهان كبيع المبيع للبائع قبل قبضه‏.‏

قلت الأصح صحة إجارته للمؤجر والله أعلم‏.‏

السابعة المستعير لا يكري فلو استعار ليكريه لم يصح على الأصح وقيل يجوز كما لو استعاره ليرهنه‏.‏

الثامنة أجر ناظر المسجد حانوته الخراب بشرط أن يعمره المستأجر بماله ويكون ما أنفقه محسوباً من أجرته لم تصح الإجارة لأنه عند الإجارة غير منتفع به‏.‏

التاسعة لا تجوز إجارة الحمام بشرط أن تكون مدة تعطله بسبب العمارة ونحوها محسوبة على المستأجر ولا على المؤجر لا بمعنى انحصار الإجارة في المدة في الباقي لأن المدة تصير مجهولة ولا بمعنى استيفاء مثلها بعد المدة لان آخر المدة يصير مجهولا‏.‏

العاشرة استأجره ليبيع له شيئاً معيناً جاز لأن الظاهر أنه يجد راغباً ولشراء شيء معين لا يجوز لأن رغبة مالكه في البيع غير مظنونة ولشراء شيء موصوف يجوز ولبيع شيء معين لا يجوز‏.‏

الحادية عشرة لو أراد استئجاره للخروج إلى بلد السلطان والتظلم للمستأجر وعرض حاله في المظالم قال القفال في الفتاوى يستأجر مدة كذا ليخرج إلى موضع كذا ويذكر حاله في المظالم ويسعى في أمره عند من يحتاج إليه فتصح الإجارة لأن المدة معلومة وإن كان في العمل جهالة كما لو استأجره يوماً ليخاصم غرماءه قال ولو بدا للمستأجر فله أن يستعمله فيما ضرره مثل ذلك‏.‏

الثانية عشرة حكى ابن كج عن نص الشافعي رضي الله عنه أنه لا تصح إجارة الأرض حتى ترى لا حائل دونها من زرع وغيره وفي هذا تصريح بأن إجارة الأرض المزروعة لا تصح توجيهاً بأن الزرع يمنع رؤيتها وفيها معنى آخر وهو تأخر التسليم والانتفاع عن العقد ومشابهته إجارة الزمان المستقبل ويقرب منه ما لو أجر داراً مشحونة بطعام وغيره وكان التفريغ يستدعي مدة ورأيت للأئمة فيما جمع من فتاوى القفال جوابين فيه‏.‏

أحدهما أنه إن أمكن التفريغ في مدة ليس لمثلها أجرة صح العقد وإلا فلا لأنه إجارة مدة مستقبلة‏.‏

والثاني أنه إن كان يذهب في التفريغ جميع مدة الإجارة لم يصح وإن كان يبقى منها شيء صح ولزم قسطه من الأجرة إذا وجد فيه التسليم وخرجوا على الجوابين ما إذا استأجر داراً ببلد آخر فإنه لا يتأتى التسليم إلا بقطع المسافة بين البلدين وما إذا باع جمداً وزناً وكان ينماع بعضه إلى أن يوزن‏.‏

قلت الصحيح من الجوابين هو الأول بل قد تقدم في الشرط الثالث من الركن الرابع من الباب الأول وجه أنه لا تصح إجارة المشحونة بالقماش وإن أمكن تفريغها في الحال وتقدم هناك أن المذهب صحة إجارة الأرض المستورة بالماء للزراعة وليس هو مخالفاً للمذكور هنا لأن التعليل هناك بأن الماء من مصالحها مفقود هنا والأصح عندي فيما إذا استأجر داراً ببلد آخر الصحة وفي الجمد المنع لإمكان بيعه جزافاً والله أعلم‏.‏

الثالثة عشرة إذا استأجر للخدمة وذكر وقتها من الليل والنهار وفصل أنواعها صح وإن أطلق فقد حكي عن النص المنع والمذهب الجواز ويلزم ما جرت العادة به وفصل القاضي أبو سعد بن أبي يوسف أنواعها فقال يدخل في هذه الإجارة غسل الثوب وخياطته والخبز والعجن وإيقاد النار والتنور وعلف الدابة وحلبها وخدمة الزوجة والغرس في الدار وحمل الماء إلى الدار للشرب وإلى المتوضئ للطهارة وعن سهل الصعلوكي أن علف الدابة وحلبها وخدمة الزوجة لا تدخل إلا بالتنصيص عليها وينبغي أن يكون الحكم كذلك في خياطة الثوب وحمل الماء إلى الدار ويجوز أن يختلف الحكم فيه بالعادة وذكر بعض شراح المفتاح أنه ليس له إخراجه من البلدة إلا أن يشرط عليه مسافة معلومة من كل جانب وأن عليه المكث عنده إلى أن يفرغ من صلاة العشاء الآخرة‏.‏

قلت المختار في هذا كله الرجوع إلى عادة الخادم في ذلك البلد وذلك الوقت ويختلف ذلك باختلاف مراتب المستأجرين وباختلاف الأجراء وفي الذكورة والأنوثة من الطرفين وغير ذلك فيدخل ما اقتضته العادة دون غيره والله أعلم‏.‏

الرابعة عشرة استأجره على القيام على ضيعة قام عليها ليلا ونهاراً على المعتاد‏.‏

الخامسة عشرة استأجره للخبز بين أنه يخبز أقراصاً أو أرغفة غلاظاً أو رقاقاً وأنه يخبز في تنور أو فرن وآلات الخبز على الأجير إن كانت إجارة على الذمة وإلا فعلى المستأجر وليس على الأجير إلا تسليم نفسه والقول فيمن عليه الحطب كالحبر في حق الوراق‏.‏

السادسة عشرة قال بعض شراح المفتاح لو اكترى دابة ليركبها فرسخين لم يجز حتى يبين شرقاً أو غرباً فإذا بين فأراد العدول إلى غيرها فللمكري منعه لأن المعين قد يكون أسهل أو له فيه غرض وهذا يخالف ما سبق فليجعل وجهاً‏.‏

إحداها استأجره لعمل مدة يكون زمن الطهارة والصلوات فرائضها وسننها الرواتب مستثنى ولا ينقص من الأجرة وسواء فيه الجمعة وغيرها وعن ابن سريج جواز ترك الجمعة بهذا السبب حكاه أبو الفضل بن عبدان والسبوت في استئجار اليهودي مستثناة إن أطرد عرفهم قال الغزالي في الفتاوى‏.‏

الثانية استأجر مرضعة لتعهد الصبي فالدهن على أبيه فإن جرى عرف البلد بخلافه فوجهان‏.‏

الثالثة استأجره لحمل حطب إلى داره وهي ضيقة الباب هل عليه إدخاله الدار فيه قولان للعرف ولا يكلف صعود السطح به‏.‏

الرابعة استأجره لغسل ثياب معلومة فحملها إليه حمال فإن شرطت أجرته على أحدهما فذاك وإلا فعلى الغسال لأنه من تمام الغسل‏.‏

الخامسة استأجره لقطع أشجار بقرية لم تجب عليه أجرة الذهاب والمجيء لأنهما ليسا من العمل ذكر هذه المسائل الأربع أبو عاصم العبادي‏.‏

السادسة استأجر دابة ليركبها ويحمل عليها كذا رطلا فركب وحمل وأخذ في السير فأراد المؤجر أن يعلق عليها مخلاة أو سفرة أو نحوهما من قدام القتب أو من خلفه أو أن يردف معه رديفاً فللمستأجر منعه‏.‏

السابعة استأجر دابة ليركبها إلى موضع معلوم فركبها إليه فعن صاحب التقريب أن له أن يردها إلى الموضع الذي سار منه إلا أن ينهاه صاحبها وقال الأكثرون ليس له ردها بل يسلمها إلى وكيل المالك إن كان وإلا فإلى الحاكم هناك فإن لم يكن حاكم فإلى أمين فإن لم يجد أميناً ردها أو استصحبها إلى حيث يذهب كالمودع يسافر بالوديعة للضرورة وإذا جاز له الرد لم يجز له الركوب بل يسوقها أو يقودها إلا أن يكون بها جماح لا تنقاد إلا بالركوب وبمثله لو استعار للركوب إليه قال العبادي له الركوب في الرد لأن الرد لازم له فالإذن تناوله بالعرف والمستأجر لا رد عليه‏.‏

الثامنة استأجر دابة للركوب إلى مكان فجاوزه لزمه المسمى للمكان وأجرة المثل للزيادة ويصير ضامناً من وقت المجاوزة فإن ماتت لزمه أقصى القيم من حينئذ إن لم يكن معها صاحبها ولا يبرأ عن الضمان بردها إلى ذلك الموضع وإن كان معها صاحبها فإن تلفت بعدما نزل وسلمها إليه فلا ضمان عليه وإن تلفت وهو راكب نظر إن تلفت بالوقوع في بئر ونحوه ضمن جميع القيمة وإن لم يحدث سبب ظاهر فقيل تلزم كل القيمة أيضاً والأصح لا يلزمه الكل بل النصف في قول‏.‏

ومقتضى التوزيع على المسافتين في قول كما سبق فيما إذا حمل أكثر من المشروط لأن الظاهر حصول التلف بكثرة التعب وتعاقب السير حتى لو قام في المقصد قدر ما يزول فيه التعب ثم خرج بغير إذن المالك ضمن الكل وإذا استأجر ليركب ويعود فلا يلزمه لما جاوز أجرة المثل لأنه قلت ولا يجوز أن يركبها بعد المجاوزة جميع الطريق راجعاً بل يركبها بقدر تمام مسافة الرجوع والله أعلم‏.‏

ثم إن قدر في هذه الإجارة مدة مقامه في المقصد فذاك وإلا فإن لم يزد على مدة المسافرين انتفع بها في الرجوع وإن زاد حسبت الزيادة عليه‏.‏

التاسعة أستأجر دابة للركوب إلى عشرة فراسخ فقطع نصف المسافة ثم رجع لأخذ شيء نسيه راكباً انتهت الإجارة واستقر جميع الأجرة لأن الطريق لا تتعين وكذا لو أخذ الدابة وأمسكها يوماً في البيت ثم خرج فإذا بقي بينه وبين المقصد يوم استقرت الأجرة ولم يجز له الركوب بعده وكذا لو ذهب في الطريق لاستقاء ماء أو شراء شيء يميناً وشمالا كان محسوباً من المدة ويترك الانتفاع إذا قرب من المقصد بقدره‏.‏

العاشرة دفع إليه ثوبا ليقصره بأجرة ثم استرجعه فقال لم أقصره بعد فلا أرده فقال صاحب الثوب لا أريد أن تقصره فأردده إلي فلم يرد وتلف الثوب عنده لزمه ضمانه وإن قصره ورده فلا أجرة له وعلى هذا قياس الغزل عند النساج ونظائره‏.‏

قلت صورة المسألة إذا لم يقع عقد صحيح والله أعلم‏.‏

الحادية عشرة استأجره ليكتب صكاً في هذا البياض فكتبه خطأ فعليه نقصان الكاغد وكذا قلت ولا أجرة له ويقرب منه ما ذكره الغزالي في الفتاوى أنه لو استأجره لنسخ كتاب فغير ترتيب الأبواب قال إن أمكن بناء بعض المكتوب بأن كان عشرة أبواب فكتب الباب الأول آخراً منفصلا بحيث يبنى عليه استحق بقسطه من الأجرة وإلا فلا شيء له والله أعلم‏.‏

الثانية عشرة استأجر دابة لحمل الحنطة من موضع كذا إلى داره يوماً إلى الليل متردداً مرات فركبها في عوده فعطبت الدابة ضمن على الأصح لأنه استأجرها للحمل لا للركوب وقيل لا يضمن للعرف ذكرهما العبادي‏.‏

الثالثة عشرة العامل في المزارعة الصحيحة لو ترك السقي متعمداً ففسد الزرع ضمن لأنه في يده وعليه حفظه‏.‏

الرابعة عشرة تعدى المستأجر بالحمل على الدابة فقرح ظهرها وهلكت منه لزمه الضمان وإن كان الهلاك بعد الرد إلى المالك‏.‏

 فصل في مسائل تتعلق بالباب الثالث

إحداها في المنثور للمزني لأنه لو استأجر لخياطة ثوب فخاط بعضه واحترق الثوب استحق الأجرة لما عمل‏.‏

وإن قلنا ينفسخ العقد استحق أجرة المثل وإلا فقسط المسمى‏.‏

ولو استأجره لحمل جرة إلى موضع فزلق في الطريق فانكسرت لا شيء له من الأجرة‏.‏

والفرق أن الخياطة تظهر على الثوب فوقع العمل مسلماً بظهور أثره والحمل لا يظهر على الجرة‏.‏

الثانية أجر أرضاً فغرقت بسيل أو ماء نبع منها فإن لم يتوقع الخسارة في مدة الإجارة فهو كانهدام الدار وإن توقع فللمستأجر الخيار كما لو غصبت فإن أجاز سقط من الأجرة بقدر ما كان الماء عليها وإن غرق نصفها وقد مضى نصف المدة انفسخ العقد فيه والمذهب أنه لا ينفسخ في الباقي بل له الخيار فيه في بقية المدة فإن فسخ وكانت أجرة المدة لا تتفاوت فعليه نصف المسمى للمدة الماضية وإن أجاز فعليه ثلاثة أرباع المسمى فالنصف للماضي والربع للباقي‏.‏

الثالثة تعطل الرحى لانقطاع الماء والحمام لخلل في الأبنية أو لنقص الماء في بئره ونحوه كانهدام الدار وكذا لو استأجر قناة فانقطع ماؤها‏.‏

فلو نقص ثبت الخيار ولم ينفسخ ولو استأجر طاحونتين متقابلتين فنقص الماء وبقي ماء تدور به إحداهما ولم يفسخ قال العبادي تلزمه أجرة أكثرهما‏.‏

الرابعة قال في التتمة لو دفع غزلا إلى نساج واستأجره لنسج ثوب طوله عشرة في عرض معلوم فجاء بالثوب وطوله أحد عشر لا يستحق شيئاً من الأجرة وإن جاء به وطوله تسعة فإن كان طول السدى عشرة استحق من الأجرة بقدره لأنه لو أراد أن ينسج عشرة لتمكن منه وإن كان طوله تسعة لم يستحق شيئاً لمخالفته ولو كان الغزل المدفوع إليه مسدى استأجره كما ذكرنا ودفع إليه من اللحمة ما يحتاج إليه فجاء به أطول في العرض المشروط لم يستحق للزيادة شيئاً وإن جاء به أقصر في العرض المشروط استحق بقدره من الأجرة وإن وافق في الطول وخالف في العرض فإن كان أنقص نظر إن كان ذلك لمجاوزته القدر المشروط من الصفاقة لم يستحق شيئاً من الأجرة لأنه مفرط لمخالفته وإن راعى المشروط في صفة الثوب رقة وصفاقة فله الأجرة لأن الخلل والحالة هذه من السدى وإن كان زائداً فإن أخذ بالصفاقة لم يستحق شيئاً وإلا استحق الأجرة بتمامها لأنه زاد خيراً‏.‏

الخامسة مهما ثبت الخيار لنقص فأجاز ثم أراد الفسخ فإن كان ذلك السبب بحيث لا يرجى زواله بأن انقطع الماء ولم يتوقع عوده فليس له الفسخ لأنه عيب واحد وقد رضي به وإن كان بحيث يرجى زواله فله الفسخ ما لم يزل لأن الضرر يتجدد كما لو تركت المطالبة بعد مدة الإيلاء أو الفسخ بعد ثبوت الإعسار فلها العود إليه وكذا لو اشترى عبداً فأبق قبل القبض وأجاز ثم أراد الفسخ فله ذلك ما لم يعد العبد‏.‏

لو أراد المستأجر أن يستبدل عن المنفعة فإن كانت الإجارة في الذمة لم يجز وإن كانت إجارة عين قال البغوي هو كما لو أجر العين المستأجرة للمؤجر وفيه وجهان أصحهما الجواز وإن جرى بعد القبض‏.‏

 فصل لو ضمن رجل العهدة للمستأجر

ففي الفتاوى أنه يصح ويرجع عليه عند ظهور الاستحقاق وعن ابن سريج أنه لا يصح‏.‏

قلت ومما يتعلق بكتاب الإجارة مسائل‏.‏

إحداها إذا توجه الحبس على الأجير قال الغزالي في الفتاوى إن أمكن العمل في الحبس جمع بينهما وإن تعذر فإن كانت الإجارة على العين قدم حق المستأجر كما يقدم حق المرتهن ولأن العمل مقصود في نفسه والحبس ليس مقصوداً في نفسه ثم القاضي يستوثق عليه مدة العمل إن خاف هربه على ما يراه وإن كانت الإجارة في الذمة طولب بتحصيله بغيره فإن امتنع حبس بالحقين‏.‏

الثانية لا يلزم المؤجر أن يدفع عن العين المستأجرة الحريق والنهب وغيرهما وإنما عليه تسليم العين ورد الأجرة إن تعذر الاستيفاء وأما المستأجر فإن قدر على ذلك من غير خطر لزمه كالمودع‏.‏

الرابعة استأجره لبناء درجة فلما فرغ منها انهدمت في الحال فهذا قد يكون لفساد الآلة وقد يكون لفساد العمل والرجوع فيه إلى أهل العرف فإن قالوا هذه الآلة قابلة للعمل المحكم وهو المقصر لزمه غرامة ما تلف‏.‏

الخامسة إذا جعل غلة في المسجد وأغلقه لزمه أجرته لأنه كما يضمن المسجد بالإتلاف يضمن منفعته ذكر هذه المسائل الخمس الغزالي في الفتاوى وتقييده في المسجد بما إذا أغلقه لا حاجة إليه بل لو لم يغلقه ينبغي أن تجب الأجرة للعلة المذكورة‏.‏

السادسة استأجر بهيمة إلى بلد لحمل متاع ثم أراد في أثناء الطريق بيعه والرجوع وطلب رد بعض الأجرة فليس له شيء لأن الإجارة عقد لازم بل إن باعه فله حمل مثله إلى المقصد المسمى‏.‏

السابعة في فتاوى القاضي حسين أنه لو أكره الإمام رجلا على غسل ميت فلا أجرة له لأن غسله فرض كفاية فإذا فعله بأمر الإمام وقع عن الفرض ولو أكرهه بعض الرعية لزمه أجرة المثل لأنه مما يستأجر عليه هذا كلام القاضي حسين ووافقه جماعة قال إمام الحرمين هذا إذا لم يكن للميت تركة ولا في بيت المال سعة فإن كان له تركة فمؤنة تجهيزه في تركته وإلا ففي بيت المال إن اتسع فيستحق المكره الأجرة قال الرافعي في أوائل كتاب السير هذا التفصيل حسن فيحمل عليه الثامنة أجرت نفسها للإرضاع هل عليها الفطر في رمضان إذا احتاج الرضيع إليه فيه كلام سبق واضحاً في كتاب الصيام‏.‏

التاسعة استأجر ابنة الذي بلغ سناً يعمل مثله فيه ليسقط نفقته عن نفسه عليه وينفق عليه من أجرته جاز كما يشتري ماله ذكره في فتاوى القاضي حسين والله أعلم‏.‏